تضحية تيندوفت من أجل البقالي تلقى إشادة المغاربة
العيون أنسوليت – عبد العزيز أكرام
حظي إنجاز العداء المغربي سفيان البقالي، مساء أمس الأربعاء، بمتابعة مغربية شعبية كبيرة، إذ تسمّر الملايين من المغاربة وراء الشاشات قبل موعد بداية السباق، ممنّين النفس بتتويج باسم الوطن يرفع الحرج ويحفظ ماء وجه المشاركة الوطنية في أولمبياد باريس بعدما لم يتمكن مشاركون مغاربة في رياضات أخرى من التتويج بميداليات.
غياب المغرب عن “البوديوم” طيلة منافسات الأولمبياد التي مازالت تحتضنها العاصمة الفرنسية باريس كان بمثابة “حمل ثقيل” كان الرهان المغربي كبيرا على سفيان البقالي من أجل إزالته، وهو الذي سبق أن منح المغاربة ذهبية أولمبياد طوكيو 2020.
وتمكن البقالي من إحراز الذهبية الأولى للمغرب في هذه المنافسات بعدما استطاع تصدر مجموعته الإقصائية في ظرف زمني قدره 8 دقائق و6 ثوان و5 أجزاء من المائة، محافظا بذلك على لقبه الذي سبق أن حصل عليه خلال الأولمبياد الماضية، بما جعله أول مغربي يحقق الذهب في منافستين أولمبيتين متتاليتين.
ولم يكن ما صنعه البقالي بالأراضي الفرنسية ليتحقق من دون ما صنعه مواطنه محمد تيندوفت، الذي شارك هو الآخر ضمن منافسات 3 آلاف متر موانع، حيث كان بمثابة أرنب السباق الذي كسر خطط الإثيوبيين والكينيين وضحى من أجل فوز مغربي في نهاية المطاف، بدون اعتبارات حامل الميدالية.
وعمِد تيندوفت في آخر لفات المسابقة إلى الرفع من الإيقاع، بما ساهم في إرباك حسابات الإثيوبيين والكينيين الذين كانوا متكتلين وساعين إلى تسجيل الفوز باسم أحدهم، وسمح لسفيان البقّالي بالانسلال، في ما هو أشبه بـ”ريمونتادا”، محققا بذلك إنجازا مغربيا جديدا في أم الألعاب، نال إشادة ملكية.
وفي غمرة الاحتفاء بنصيب البقالي من الذهب الأولمبي أبى مغاربة ممن علقوا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن يحُفُّوا محمد تيندوفت بنصيبه من الثناء، إذ اعتبروا ما قام به من أجل التتويج المغربي مظهرا من مظاهر “تامغرابيت” التي تنظر إلى اسم الوطن في نهاية المطاف بعيدا عن الأفراد.
وتيندوفت عداء مغربي من مواليد 1993 بأزيلال، متخصص في سباقات 3 آلاف موانع، سبق أن شارك إلى جانب نظيره سفيان البقالي في عدد من المنافسات الدولية، وتمكن أمس من الحلول في المركز 12، قاطعا المسافة في 8 دقائق و14 ثانية و82 جزءا من المائة.
ابن مدينة أزيلال كان بدوره “عريس السوشيال ميديا” أمس، بعدما التفت مغاربة إلى حُسن صنيعه تجاه سفيان البقالي وتجاه اسم المغرب والجماهير المغربية التي تشوقت إلى الاستمتاع بما سيبعد عنها ظمأ البدايات، بعدما فشل مشاركون مغاربة في رياضات مختلفة.
على هذا النحو قال أحمد، من المعلقين على الموضوع: “يكتب المؤرخون في مثل هذه المعارك النصر باسم القادة، ولا يكتبونه بأسماء الجنود، رغم أن المعركة حُسمت بفعل مجهودهم. اليوم تيندوفت كان جنديا مجهولا”؛ في حين قال سفيان الراشدي، معلق مغربي: “هنيئا لنا بتيندوفت. قدرُنا أن نكون جزءا من توثيق ذهبية الكبير سفيان البقالي التي رأت النور من رحم المعاناة”.
من جهته كتب المعلق المغربي عبد الحق أسرحان على “حائطه” بموقع “فيسبوك”: “تكتيك عال. ألف مبروك لسفيان البقالي الذهب الأولمبي الثاني في مسافة 3 آلاف متر موانع، دون أن ننسى الدور الكبير الذي قام به محمد تيندوفت في السباق”. بينما كتب أنس على منصة “إكس”: “منساوش البطل الأسطورة محمد تيندوفت لي دار الدور التكتيكي ديالو على حقوق وطريقو في الوقت المناسب، وأدى مهمته على أكمل وجه”.
وفي السياق ذاته قال يحيى الحسني على “إكس”: “تحية كبيرة للمغربي تيندوفت الذي ضحى لأجل البقالي عندما كانت الكوكبة متكتلة وكانت ستخلق مشاكل لسفيان، فقد رفع إيقاع السباق لتفكيك الكوكبة وبذل مجهودا كبيرا استنزف طاقته ليفتح الطريق أمام سفيان”، في حين اقترح طارق في منشور له على المنصة ذاتها منح قيمة مكافأة الميدالية لتيندوفت، تشجيعا له، نظرا للمجهود الذي قام به من أجل زميله البطل سفيان البقالي. بينما علقت فاطمة الزهراء على الحادث بالقول: “هادي هي تمغرابيت؛ روح الأخوة حاضرة في هذا السباق، برافو سفيان وشكرا تيندوفت على التضحية ورفع إيقاع السباق”.
ومازال اسم العداء محمد تيندوفت يغزو مواقع التواصل الاجتماعي منذ أمس الأربعاء، حيث ذهبت جل المنشورات التي ذكرت اسمه إلى اعتباره “نموذجا للفرد المغربي المتشبع بقيم “تمغرابيت” والتضحية من أجل الآخرين والوطن، وجندي الخفاء الذي يصنع الأفراح”.
ووجه سفيان البقالي، الفائز بذهبية 3 آلاف متر موانع للمرة الثانية تواليا، كلمات شكر بليغة لمواطنه تيندوفت عبر منبر “هسبورت”، حيث قال: “أشكر زميلي محمد تيندوفت على العمل الذي قام به، لقد تحدثت معه وسط السباق من أجل أن ينطلق ولا يظل ضمن الكوكبة”، متمنيا كامل التوفيق لتيندوفت الذي شارك معه في النهائي الثاني تواليا، ويتدرب معه، واصفا إياه بـ”العداء الواعد في المستقبل”.