مصطفى سلمى يكتب.. عدو المغرب ليس الصحراويين بل التدبير المحلي في الصحراء
العيون أنسوليت
من الطبيعي و الاخلاقي ان يعتز كل صحراوي بثناء ملك البلاد عليهم في خطابه البارحة امام النواب، و اكثر من ذلك رسالة الامل بغد افضل التي افتتح بها الجالس على العرش خطابه:
“لقد قلت، منذ اعتلائي العرش، أننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير داخليا و خارجيا”
لكن بعض القوى ما زالت كما العادة متأخرة جدا عن ركب الطموحات الملكية، ما يجعل جهود المغرب في التقدم في انهاء النزاع غير متناسبة مع النتائج على الارض.
فقد بدت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية بالأمس، و كأنها في سباق مع الرؤية الملكية في المرور من مرحلة التدبير، إلى مرحلة “التغيير” بقرارها، ترشيح “سيدي محمد” نجل الحاج “حمدي الرشيد” عن حزب الاستقلال، ليخلف ابن عمه و صهره “النعمة ميارة” في رئاسة مجلس المستشارين، خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية للمجلس.
و من عجائب القدر أيضا أن يتصادف صدور قرار المحكمة الاوروبية الذي شكك في استشارة ناس الصحراء، مع إعلان حزب الاستقلال الذي يدير الاقاليم الجنوبية منذ عقدين على الاقل، عن لائحة لجنته التنفيذية، و قد ضمت خمسة أسماء عن الأقاليم الصحراوية، هم: الحاج “حمدي الرشيد”، و ابنه، و أبن عمه-و صهره، إضافة الى السيدة “آمنة حمداتي اشبيهنا” و جاء رئيس مجلس الشبيبة الاستقلالية خامسهم لتأثيث المشهد، و كلهم من جهة العيون. بينما اقصي “الخطاط ينجا” رئيس جهة الداخلة واد الذهب من اللجنة التنفيذية، و غاب اي تمثيل لجهة كلميم واد نون.
و كنت غادرت الاقاليم الصحراوية في مثل هذه الأيام من عام 1979 الى مخيمات تيندوف، بعد اختطافي من طرف البوليساريو، و تركت حينها السيد “خليهن ولد الرشيد” وزيرا للشئون الصحراوية، و برلمانيا و رئيسا لبلدية العيون كبرى حواضر الصحراء. كما تركت السيد “حمداتي شبيهنا” مستشارا في الرباط عن الصحراء.
و لما زرت الاقليم بعد ذلك ب 31 سنة في 2010، وجدت السيد “خليهن” رئيسا للمجلس الملكي الاستشاري لشئون الصحراء و نائبه “ماء العينين” إبن أخ “حمداتي”.
و وجدت الحاج “حمدي ولد الرشيد” ورث أخاه في رئاسة بلدية العيون و مقعدها البرلماني، و إبنه سيدي محمد” نائبا اول عنه، و أبن أخيه “حمدي براهيم الرشيد” رئيسا لجهة العيون. و بقية أبناء الاخوات و الاخوة و الاصهار موزعين بين رئاسة الغرف و البرلمان بغرفتيه.
و الامس طالعتنا وسائل الاعلام أن هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية في المغرب قررت بعد التداول والتشاور، ترشيح نجل “حمدي الرشيد” عن حزب الاستقلال، ليخلف ابن عمه و صهره في رئاسة مجلس المستشارين، خلال النصف الثاني من الولاية التشريعية للمجلس.
و كنت قرات في الكتب، أن الأحزاب السياسية هي مؤسسات عامة وآلية للوساطة بين الدولة والساكنة، تشتغل على تأطير المواطنين بما يخدم المصلحة العليا للبلاد، ويذكي الروح الوطنية، باعتماد قيم المواطنة المسؤولة وإحلال ثقافة الكفاءة والاستحقاق بدل القرابة و الزبونية، لولا ان أب الاحزاب المغربية “الاستقلال” الذي كنا نتوسم ان نتعلم منه مُثل السياسة و اخلاقياتها، كان له رأي آخر عنوانه “بٌَاك صاحبي”.
نذكر قيادة حزب الاستقلال أن استمرار اشتغالهم في الأقاليم الصحراوية على النحو الذي نشاهده، إن كانوا يرونه يخدم تماسك حزبهم، فهو ضار باللحمة المجتمعية في الصحراء، و سبب مباشر للتشكيك في تمثيلية السكان. و فوق ذلك يتعارض بالمطلق مع توجهات الملك و الدولة المغربية في السعي نحو حل سياسي لنزاع الصحراء مؤسس على تدبير السكان لشئونهم بأنفسهم في إطار الحكم الذاتي.
بالمناسبة هذا المشهد السريالي مستمر منذ قرابة نصف قرن (منذ 1977)، و يتمدد…
بقلم “مصطفى سلمى ولد سيدي مولود”
القيادي السابق بالبوليساريو