السيگ، اللعبة التقليدية الصحراوية الأكثر شيوعاً..
الصحراء أنسوليت
تشكل الألعاب التقليدية جزءا أصيلا من تراث المجتمع الصحراوي، فهي رفيقته في الفيافي والبوادي والفرگان، وجانب الترفيه المتوفر آنذاك ومجال العصف الذهني شبه الوحيد لكل الفئات والاعمار.
مع تطور المجتمع البطئ نسبيا، استسلمت عديد الالعاب لواقع العولمة والاستهلاك، فيما صمدت اخرى قليلة، ولعل السيگ هو اللعبة التقليدية الثابتة الوحيدة في زمن المتغيرات.
يشكل السيگ قصة فريدة حول تحول المادة في فيزياء الفضاء الحساني وتراب البيظان، وكيف استطاع الانسان الصحراوي تحويل اغصان الاشجار اليابسة و الخشب الصغير الى لعبة عيدان رشيقة وناعمة بها زخارف ملونة ذات حركة انسيابية تلعب على حصير املس.
جندرياً يعتبر السيگ لعبة خاصة بالنساء أساساً، في حين تعتبر ظامة لعبة خاصة بالرجال، لكن جمالية السيگ والجو الحميمي الذي تفرضه اللعبة كسر هذه القاعدة.
فبحكم الروابط الاجتماعية الوثيقة للعائلة الصحراوية، والمجتمع الصحراوي بشكل اشمل يمكن لعب هذه اللعبة الفريدة من طرف جميع العائلة والجيران والأصدقاء ذكورا وإناث، ولكن حضور النسوة في اللعب مهم جداً وأساسي، فلا يمكنك مثلا إيجاد مجموعة من الرجال تلعب السيگ وحدها من دون نون النسوة… الأم، الاخت، الجدة الجارة..الخ
يصنع السيگ حاليا من الخشب والعود المستورد، لكن في الأصل كان الصناع يفضلون استخدام عود “تيشط” أو خشب “اجداري” في صناعة هذه اللعبة الفريدة وكان يتم اختيار النوعية المناسبة بعناية فائقة الجودة، حيث الاستقامة والملمس والرطوبة نقاط مهمة، ولكن اليوم وبسبب ندرة هذه الأنواع وحالة الحرب وعدم الاستقرار بات من الضروري ايجاد بدائل لانواع الخشب تلك، فبات الحرفيين يصنعونه الآن من الخيزران وخشب الصنوبر والبلوط…الخ
التطوير الذي مس اللعبة التقليدية مع مرور الوقت لم يمس قواعد اللعبة بل يتعلق اساسا بـ “لبرى” حيث كانت النساء تجمعن الرمل الناعم في قطعة قماش لرسم “لبرى” ويستعمل الفريقين المتنافسين العيدان وبعر الإبل.
اما اليوم فقد تطور الإنتاج ليتم ابتكار صندوق خشبي يصنع عادة من الخشب الاحمر “اسرير” ويزين بالنحاس والزخارف التقليدية وبه خزانة ذهاب-اياب يوضع فيها السيگ وعيدانه، وفي الجانب العلوي من الصندوق حيث السطح توجد ثقوب متوسطة الحجم تُشكل ساحة اللعب الخاصة بالسيگ (لبرى).
لا يزال هناك استعمال واسع للطريقة التقليدية، رمل وبعر الإبل او حجارة متساوية الحجم وعيدان، وعادة تفضل يفضل المسنين هذه الطريقة، كتشبث بتقاليد تربوا عليها ورفض لكل ما يوحي بتغير نمط العيش او التخلي عن الأصل.
بقلم: أحمد علين.